سورة الرحمن - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الرحمن)


        


{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ}، جمع فراش، {بَطَائِنُهَا}، جمع بطانة، وهي التي تحت الظهارة. وقال الزجَّاج: وهي مما يلي الأرض. {مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} وهو ما غلظ من الديباج. قال ابن مسعود وأبو هريرة: هذه البطائن فما ظنكم بالظواهر؟ وقيل لسعيد بن جبير: البطائن من إستبرق، فما الظواهر؟ قال: هذا مما قال الله عز وجل: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} [السجدة- 17] وعنه أيضًا قال: بطائنها من إستبرق فظواهرها من نور جامد. وقال ابن عباس: وصف البطائن وترك الظواهر لأنه ليس في الأرض أحد يعرف ما الظواهر.
{وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ}، الجنى ما يجتنى من الثمار، يريد: ثمرها دان قريب يناله القائم والقاعد والنائم. قال ابن عباس: تدنو الشجرة حتى يجتنيها ولي الله، إن شاء قائمًا وإن شاء قاعدًا. قال قتادة: لا يردُّ أيديهم عنها بُعْدٌ ولا شوك. {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} غاضات الأعين، قصرن طرفهن على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم. ولا يردن غيرهم. قال ابن زيد: تقول لزوجها: وعزة ربي ما أرى في الجنة شيئًا أحسن منك، فالحمد لله الذي جعلك زوجي وجعلني زوجتك. {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ} لم يجامعهن ولم يفترعهن
وأصله من الطمث، وهو الدم ومنه قيل للحائض: طامث، كأنه قال: لم تدمهن بالجماع، {إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ}، قال الزجَّاج: فيه دليل على أن الجني يغشى كما يغشى الإنسي. قال مجاهد: إذا جامع الرجل ولم يسم انطوى الجان على إحليله فجامع معه.
قال مقاتل في قوله: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ}، لأنهن خلقن في الجنة. فعلى قوله: هؤلاء من حور الجنة.
وقال الشعبي: هن من نساء الدنيا لم يُمْسَسْنَ منذ أنشئن خَلْقًا، وهو قول الكلبي يعني: لم يجامعن في هذا الخلق الذي أنشئن فيه إنس ولا جان.
وقرأ طلحة بن مصرف: {لا يطمثهن} بضم الميم فيهما.
وقرأ الكسائي إحداهما بالضم، فإن كسر الأولى ضم الثانية وإن ضم الأولى كسر الثانية، لما روى أبو إسحاق السبيعي قال: كنت أصلي خلف أصحاب عليّ رضي الله عنه فأسمعهم يقرؤون: لم يطمثهن بالرفع، وكنت أصلي خلف أصحاب عبد الله بن مسعود فأسمعهم يقرؤون بكسر الميم، وكان الكسائي يضم إحداهما ويكسر الأخرى لئلا يخرج عن هذين الأثرين.


{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ}، قال قتادة: صفاء الياقوت في بياض المرجان.
وروينا عن أبي سعيد في صفة أهل الجنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكل رجل منهم زوجتان على كل زوجة سبعون حلة، يرى مخ سوقهن دون لحمهما ودمائهما وجلدهما».
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا أبو اليمان، أنا شعيب، أخبرنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر والذين على إثرهم كأشد كوكب إضاءة، قلوبهم على قلب رجل واحد، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، لكل امرىء منهم زوجتان كل واحدة منهما يرى مخ ساقها من وراء لحمها من الحُسْن، يسبحون الله بكرة وعشيًا لا يسقمون ولا يبولون ولا يتغوطون، ولا يتفلون، ولا يتمخطون، آنيتهم الذهب والفضة وأمشاطهم الذهب، ووقود مجامرهم الألوة، ورشحهم المسك».
أخبرنا أبو سعيد الشريحي أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرنا الحسين بن محمد بن الحسين، أخبرنا هارون بن محمد بن هارون، أخبرنا حازم بن يحيى الحلواني، أخبرنا سهيل بن عثمان العسكري، أخبرنا عبيدة بن حميد، عن عطاء بن السائب، عن عمرو بن ميمون عن عبد الله ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن المرأة من أهل الجنة لَيُرَى بياض ساقها من وراء سبعين حلة من حرير، ومخها، إن الله تعالى يقول: كأنهن الياقوت والمرجان، فأما الياقوت فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكًا ثم استصفيته لرأيته من ورائه».
وقال عمرو بن ميمون: «إن المرأة من الحور العين لتلبس سبعين حلة فيرى مخ ساقها من ورائها كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء».


{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ}، أي ما جزاء من أحسن في الدنيا إلا أن يحسن إليه في الآخرة. وقال ابن عباس: هل جزاء من قال: لا إله إلا الله وعمل بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم إلا الجنة؟.
أخبرنا أبو سعيد الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرني ابن فنجويه، أخبرنا ابن شيبة، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن بهرام، أخبرنا الحجاج بن يوسف المكتب، أخبرنا بشر بن الحسين، عن الزبير بن عدي، عن أنس بن مالك قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} ثم قال: «هل تدرون ما قال ربكم؟» قالوا: الله ورسوله أعلم قال: «يقول هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة».

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6